30 - 04 - 2024

مقتل نيرة وشيماء يعيد الجرائم الأسرية للواجهة.. هل خرج قطار القيم المصري عن مساره؟

مقتل نيرة وشيماء يعيد الجرائم الأسرية للواجهة.. هل خرج قطار القيم المصري عن مساره؟

خبراء يوضحون: الجرائم قديمة متجددة لكن "السوشيال ميديا" فاعل جديد في نشرها والجدل حولها.. والعنف في الدراما يزيد جرائم الواقع

شهد المجتمع المصري العديد من جرائم القتل البشعة، خلال الأسابيع الماضية، أثارت الجدل حول الأسباب والدوافع لارتكابها، ورفعت حرص الجمهور على معرفة كواليسها، لا سيما بعدما حظيت بالقدر الأكبر من التغطية الإعلامية عبر مختلف الوسائل المقروءة والمسموعة والمرئية، وزادت من زخمها المتابعة اللحظية من السوشيال ميديا بمنصاتها المختلفة.

أشهر تلك الجرائم، مقتل الطالبة نيرة أشرف على أبواب جامعة المنصورة، طعنا على يد الشاب محمد عادل، وكذلك مقتل الإعلامية شيماء جمال ودفنها بإحدى الفيلات، على يد زوجها المستشار أيمن حجاج، حيث أعادت الحادثتان تسليط الضوء على الجرائم الأسرية أو الشخصية بالمجتمع المصري، وفتحت باب الجدل من جديد، حول كون تلك الجرائم متأصلة وقديمة متجددة بين المصريين، تحدث يوميا، أم أن زمن السوشيال ميديا لعب دورا أكبر في انتشارها وتضخيمها، وخلق حالة من التعاطف في بعض الأحيان مع الجاني، مثلما حدث في قضية المنصورة.

ورغم أن مقتل الطالبة نيرة أشرف وثقته الكاميرا أمام بوابة جامعة المنصورة صوتا وصورة، وتم الحكم على الجاني بالإعدام شنقا في أسرع قضية شهدتها أروقة القضاء المصري، تسعى أطراف عدة لإعادة الجدل حول دوافع القاتل، والتماس الأعذار له.

وتعليقا على ذلك، ترى الدكتورة أمل رضوان، أستاذ علم الاجتماع والعلاقات الأسرية، أن الجريمة في أي مجتمع ترتبط بظروف المجتمع نفسه، "لذا فزيادة معدل الجرائم في المجتمع المصري ترتبط بظروفه وخصائصه وكذلك المتغيرات التي حدثت به".

وأضافت رضوان، أن من أهم تلك الأسباب، ضعف الوازع الديني والفهم الخاطئ للدين على اختلاف الطبقات الاجتماعية، وكذلك حدوث أخطاء في تربية مرتكب جريمة المنصورة، وتنشئته على ثقافة امتلاك ما يريده، دون إمكانية او احتمالية فقدانه تحت أي ظرف، وكذلك اعتقاد قاتل الإعلامية شيماء جمال إمكانية الإفلات من العقاب.

وتابعت أستاذ علم الاجتماع والعلاقات الأسرية: "التربية حجر الأساس في تشكيل الشخصية وتنشئتها تنشئة سوية وغياب دور الآباء في التربية، وانشغالهم بالحياة المادية ومحاولة توفير متطلبات الحياة، وإهمال الإشباع العاطفي للأبناء، كما أن أخطاء التربية تقود إلى جيل منحرف، كما رأينا في اعترافات قاتل نيرة".

وفيما يخص القضية الثانية، أكدت رضوان أن تفاصيلها تتكشف يوما بعد الآخر، واصفة الجاني بأنه "قرر هدم أسرته وحياته بالكامل في لحظة، بعدما سيطر الشيطان على عقله، ظنا منه إمكانية الإفلات من العقاب بسهولة"، مردفة: "انهيار المجتمع يبدأ من انهيار الأسرة، الذي يبدأ في الأساس بفقدان الثقة بين الزوجين، لذلك يجب أن تتضافر جميع الجهود للقضاء على الجريمة الأسرية".

السوشيال ميديا 

تساهم السوشيال ميديا في نقل تفاصيل الجرائم في حينها، وتساعد على نشر مختلف الآراء والتكهنات حولها، بل وتوقع الأحكام في أحيان كثيرة. 

وتعليقًا على تغلغلها في المجتمع المصري وسيطرتها على المواطنين، أكد الدكتور حسن الخولي، أستاذ علم الاجتماع جامعة عين شمس، أن الجرائم الأسرية لا سيما قتل الزوج لزوجته أو العكس قديمة في المجتمع المصري، لكن السوشيال ميديا تعطيها زخما أكبر، وتساعد على انتقاء الجرائم التي يزداد الاهتمام بها، دون غيرها.

وضرب أستاذ علم الاجتماع في تصريحاته لـ"المشهد"، المثل بالجرائم الأسرية التي تشهدها محاكم الجنايات يوميا، مؤكدا أن معظمها لا تقل عن جريمة مقتل الإعلامية شيماء جمال، إلا أن تسليط الضوء على تلك الواقعة إعلاميا، زاد الجدل حولها، لا سيما بعد تزامنها مع قضية طالبة المنصورة، ومطالبات تطبيق نفس عقوبة الإعدام على قاتل "شيماء" أسوة بالطالب محمد عادل، وإجراء المحاكمة بنفس السرعة.

ولفت إلى أن للسوشيال ميديا تأثيرا سلبيا في طريقة تناولها وعرضها لجرائم العنف والقتل بصورة مبالغ فيها، ووصفها على غير حقيقتها، وأضاف: "في ظل غياب الثقافة المحافظة على قيم المجتمع وآدابه نجني ثمار الآثار السلبية للتكنولوجيا الحديثة وللعولمة بشكل كبير، وخاصة على الأسرة، بالذات في ظل تفكك الأسرة الواحدة، وانعزال أفرادها، وأصبح كل منهم في عالم منفصل وأصبحت المؤثرات الخارجية لها التأثير الأكبر في تربية الأبناء، وتوجيههم في ظل غياب واضح لرقابة الأب والأم على أبنائهم".

العنف في الدراما 

مع كل جريمة جديدة، تخرج الاتهامات صوب العنف في الأفلام والمسلسلات، وإلصاق التهم بفنانين بعينهم، بعدما يتفنن الجناة في ارتكاب جرائمهم بطرق سبق ورودها في أفلام أو أعمال درامية.

وتعليقا على ذلك، قالت الدكتورة أمل رضوان، إن العنف في الدراما من أكثر الأسباب التي تؤدي إلى العنف وارتكاب الجرائم، مع غياب العدل والتعرض للظلم والقهر والعنف، بالإضافة إلى الخلافات الأسرية المتعلقة أحياناً بالميراث، وكذلك الطلاق الذي يؤدي إلى انهيار الأسرة وضياع الأبناء، ويترتب عليه العديد من المشاكل، كالتسرب من التعليم وأطفال الشوارع وتشوهات نفسية للأبناء.

وشددت على أنه لابد من تصحيح المفاهيم الدينية ونشر روح السماحة والرحمة وقبول الآخر في المجتمع، ونسف جميع العادات والتقاليد المتوارثة التي تخالف صحيح الدين، وتخالف الإنسانية والرحمة والعدل، ويجب أن يكون للمدرسة دور في التوجيه والإرشاد وتقديم القدوة للطلبة، ومن الضروري تأهيل المقبلين على الزواج ليصبحوا آباء وأمهات قادرين على تنشئة جيل سوي وتوعيتهم بأسس التربية الصحيحة.






اعلان